responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 373
وَاعْلَمْ أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَاتِ وَنَحْوِهَا فِي بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوِ الْمُشْرِكِينَ هُوَ وَعِيدٌ وَتَوْبِيخٌ لِلْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ أَيْضًا مَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ لِيَعْلَمَ سَامِعُوهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ شَارَكَ هَؤُلَاءِ الْمَذْمُومِينَ فِيمَا أَوْجَبَ ذَمَّهُمْ وَسَبَّبَ وَعِيدَهُمْ هُوَ آخِذٌ بِحَظٍّ مِمَّا نَالَهُمْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مِقْدَارِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْمُوجب.
[28]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 28]
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)
ثَنَى عِنَانَ الْخَطَّابِ إِلَى النَّاسِ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِقَوْلِهِ آنِفًا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [الْبَقَرَة: 21] ، بَعْدَ أَنْ عَقَّبَ بِأَفَانِينَ مِنَ الْجُمَلِ الْمُعْتَرِضَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي [الْبَقَرَة: 25] إِلَى قَوْله:
الْخاسِرُونَ [الْبَقَرَة: 27] .
وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ تَنَاسَبٌ مَعَ قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ
يَضْرِبَ مَثَلًا مَا
[الْبَقَرَة: 26] وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا حَكَى عَنِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قَوْلِهِمْ: مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا [الْبَقَرَة: 26] حَتَّى يَكُونَ الِانْتِقَالُ إِلَى الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ: تَكْفُرُونَ الْتِفَاتًا، فَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ مَوْقِعِ هَاتِهِ الْآيَةِ بَعْدَ مَا قَبْلَهَا هِيَ مُنَاسَبَةُ اتِّحَادِ الْغَرَضِ، بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَا تَخَلَّلَ وَاعْتَرَضَ.
وَمِنْ بَدِيعِ الْمُنَاسِبَةِ وَفَائِقِ التَّفَنُّنِ فِي ضُرُوبِ الِانْتِقَالَاتِ فِي الْمُخَاطَبَاتِ أَنْ كَانَتِ الْعِلَلُ الَّتِي قُرِنَ بِهَا الْأَمْرُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [الْبَقَرَة: 21] إِلَخْ هِيَ الْعِلَلُ الَّتِي قُرِنَ بِهَا إِنْكَارُ ضِدِّ الْعِبَادَةِ وَهُوَ الْكُفْرُ بِهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ هُنَا: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ فَقَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الْبَقَرَة: 21] الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً [الْبَقَرَة: 22] الْآيَةَ وَقَالَ هُنَا: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ
[الْبَقَرَة: 29] وَكَانَ ذَلِكَ مَبْدَأَ التَّخَلُّصِ إِلَى مَا سَيَرِدُ مِنْ بَيَانِ ابْتِدَاءِ إِنْشَاءِ نَوْعِ الْإِنْسَانِ وَتَكْوِينِهِ وَأَطْوَارِهِ.
فَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: تَكْفُرُونَ مُتَعَيِّنٌ رُجُوعُهُ إِلَى (النَّاسِ) وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ لِأَنَّ الْيَهُودَ لَمْ يَكْفُرُوا بِاللَّهِ وَلَا أَنْكَرُوا الْإِحْيَاءَ الثَّانِيَ.
وَ (كَيْفَ) اسْمٌ لَا يُعْرَفُ اشْتِقَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى حَالَةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْكَيْفِيَّةُ نِسْبَةً إِلَى

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست